دعوة لتقديم الاعمال

في عصرنا الحديث، جعلت العولمة و التطورات التكنولوجية التواصل والاتصال أسهل. من أي وقت مضى. ونتيجة لذلك، سواء أدركنا ذلك أم لا، فإن تجربتنا للواقع أصبحت تتشكل بشكل متزايد من خلال التمثيلات الرقمية بدلاً من التجربة المباشرة. الحقائق التي كنا نتفق عليها سابقاً بدأت في التغير تدريجياً - ليس لأن الواقع ذاته قد تغير، ولكن لأن وسائل الإعلام و التكنولوجيا وثقافة الاستهلاك أعادت تعريف كيفية إدراكنا له 

نحن نعيش بشكل متزايد في حالة من الواقع الفائق، حيث لم تعد الصور والرموز تشير إلى حقيقة خارجية، بل أصبحت تخلق وتدعم واقعها الخاص، معززةً نفسها من خلال وسائل الإعلام والثقافة الرقمية. هذه التمثيلات، التي كان من المفترض أن تعكس الواقع، أصبحت منفصلة عنه، موجودة بشكل مستقل، وتشكّل تصوراتنا أكثر من أي حقيقة أساسية.

وبالمثل، أصبحت هوياتنا وذكرياتنا، التي كانت في السابق مرتبطة بشكل عميق بالتجارب الحياتية والتاريخ الشخصي، تخضع بشكل متزايد للوسائط الخارجية. فالصور الفوتوغرافية، والأرشيفات الرقمية، ووسائل التواصل الاجتماعي لا تشكّل فقط الطريقة التي نقدم بها أنفسنا للعالم، بل تؤثر أيضًا على كيفية تذكرنا وفهمنا لماضينا. في عصر تُستبدل فيه التجربة المباشرة بالمحاكاة، تصبح الحدود بين الذاكرة الأصلية والسرد المُصطنع أكثر ضبابية، مما يطرح تساؤلًا: هل نتذكر الأحداث كما كانت حقًا، أم كما تمت معالجتها وإعادة تعريفها عبر الصور والشاشات والتواريخ الرقمية المُنتقاة بعناية؟